علماء فرنسيون يعلنون عن اكتشاف يعتبر الأول من نوعه في شمال سوريا يعود للألف الثاني قبل الميلاد
علماء فرنسيون يعلنون عن اكتشاف يعتبر الأول من نوعه في شمال سوريا يعود للألف الثاني قبل الميلاد
تزخر سوريا ببعض أكثر الأماكن الأثرية روعة في العالم، إذ أنَّه وحتى في ظل الأوضـ.ـاع الأمـ.ـنية الحالية التي تسود بعضاً من المناطق، كان الباحثون مشغولين باستكشاف أماكن أثرية عديدة لا تقدر بثمن.
عثر علماء الآثار على شـ.ـبكة من الأبنية العسكرية التي استُخدِمَت من أجل المراقبة والتواصل خلال العصر البرونزي الأوسط (الألفية الثانية قبل الميلاد).
استخدم الباحثون المراقبة الجوية وصور الأقمار الصناعية لاكتشاف سلسلة واسعة من الأبنية التي تختفي في موقع منبسِط في الأراضي القاحلة في الشمال السوري،
ونُشِرَ البحث المُعَدُّ بالتعاونٍ بين المركز الوطني الفرنسي للأبحاث العلمية وجامعة (ليون) في فرنسا والمديرية العامة للأثار والمتاحف في سوريا، في مجلة Paléorient في الأسبوع الأخير من سنة 2017.
تتألف الشـ.ـبكة التي تعود لأربعة آلاف سنة مضت، من سلسلة من حصون، وحصون متفرقة، وأبراج، وجدران، وملحقات كانت مرتبطة سابقاً بوساطة جدران وكتل ضخمة غير متقطعة من البازلت بعدة أمتارٍ طولاً وعرضاً.
ويوحي تنظـ.ـيم الشـ.ـبكة بأنه قد وُجِدَ سابقاً لتحصين منطقة ما، ومع ذلك، يعتقد الباحثون أيضاً أنَّه يشيرُ إلى استخدامه للتواصل بوساطة الإشارات الخفيفة، أو الدخان في حال حدوث تهد.يد مرتقب، وتنتشر هذه الشـ.ـبكة على أراضٍ كانت مسرحاً للعديد من المعـ.ـارك بسبب وجودها على حافة منطقة (الهـ.ـلال الخصيب).
سور أثري قديم
صورة ملتقطة من جهة الشرق تبرز ثخانة الجدار الشمالي لقلعة (الرحية) – صورة: M-O Rousset mission Marges arides
هذه هي المرة الأولى التي يُكتَشَفُ فيها نظـ.ـامٌ محصنٌ بهذه الضخامة في تلك المنطقة، ومن المرجح أن يساعِدَ ذلك علماء الآثار والمؤرخين معاً لفهم أعمق للتاريخ في الشرق الأدنى.
كانت سوريا على امتداد العصور البرونزية، مسرحاً لحروب الامبراطوريات المتنافسة، كالامبراطورية السومرية الجديدة، والامبراطورية السريانية القديمة، والامبراطورية البابلية، إذ كانت تسـ.ـيطر كل قـ.ـوة من تلك القوى على جزء مختلف منها.
تمتلك سوريا بعضاً من أجمل وأهم المناطق الأثرية في الشرق الأوسط، ومع ذلك، فإنَّ الوضع الأمني الحالي والتدمير المتعمَّد للإرث الحضاري يهد.دان التاريخ الغني لهذا البلد،
ولعلَّ أبرزه قيام ميليـ.ـشيات تنظيـ.ـم الد.ولة الإس.ـلامية في العراق والشام (داعـ.ـش) بتد.مير (قوس تد.مر) الذي يدعى أحياناً بـ”قوس النصر“، في أكتوبر 2015.
وقادت عملية تتبع تاريخية للمزارعين الأوائل في العالم إلى قرية في سوريا، من العصر الحجري، عمرها 12800 عام، باستخدام روث قديم، مما يوفر أقرب دليل على الحيوانات التي تمت تربيتها لإنتاج الغذاء للبشر.
وعثر باحثون على بقايا روث حيوان في تجمعات للتربة خلال أعمال التنقيب في موقع ”أبو هريرة“ في سوريا الحديثة، التي تمثل الآن موقعا أثريا لحضارات عصور ما قبل التاريخ في ”وادي الفرات“ خلال السبعينيات.
ويعود تاريخ هذا الاكتشاف إلى 12800 عام، مما يشير إلى أن البشر كانوا يرعون الأغنام وربما الماشية الأخرى قبل 2000 عام تقريبًا مما كان يعتقد سابقا، بحسب ما أوردته صحيفة ”ديلي ميل“ البريطانية.
وقالت البروفيسورة ألكسيا سميث، من جامعة ”كونيتيكت“: ”من المثير أن نرى أن بقايا روث حيوانات يمكن أن تساعدنا في تتبع الطرق المختلفة التي تفاعل بها الناس مع الحيوانات في وقت مبكر“.
وموقع ”أبو هريرة“ القريب من مدينة الرقة الحديثة في شمال سوريا، مغمور حاليًا تحت بحيرة ”الأسد“ بعد إغلاق أحد السدود.
ومع ذلك، فقد سكنها المستوطنون لأول مرة في نهاية العصر الحجري القديم أو العصر الحجري، الذي يرجع تاريخه إلى ما بين 13300 و 11400 عام، وتم بناء طبقات مختلفة من السكن فوق بعضها البعض من قبل الصيادين لأكثر من 5550 سنة.
وخلال العصر الحجري الحديث، أقامت مجتمعات الزراعة والرعي سلسلة من القرى في الموقع، وتوفر الأدلة التي تم جمعها من هذه الطبقات، بما في ذلك البذور القديمة وعظام الحيوانات والأدوات وبقايا المباني، معلومات عن انتقال البشر إلى الزراعة وتربية الماشية.
وكان علماء الآثار ينظرون بشكل تقليدي إلى شكل العظام المتبقية، التي تختلف بين السكان، البرية والمستأنسة، ومع ذلك، تم العثور على تغييرات في شكل العظام في وقت الرعي على نطاق واسع، بعد فترة طويلة من بدء عملية تدجين الحيوانات.
ويعد تحليل ”الروث“ طريقة جديدة نسبيًا لإيجاد دليل مبكر على هذه الخطوة. ولإلقاء ضوء جديد على الجدول الزمني، حللت فرق المملكة المتحدة والولايات المتحدة عينات التربة التي تم جمعها لأول مرة في ”أبو هريرة“ أثناء عمليات التنقيب في السبعينيات.
وكانت تحتوي على تراكم من ”الكريات البيضاء“، وهي كرات مجهرية قائمة على الكالسيوم تتشكل في أمعاء العديد من الحيوانات العاشبة وتنتقل إلى برازها، ويمكن العثور عليها في تراكمات ”الروث“ المتبقي حيث تم الاحتفاظ بالحيوانات الحية ذات يوم، مما يوفر معلومات حول الفترة التي جلبها فيها المستوطنون لأول مرة إلى الموقع ولكن قبل التدجين الكامل.
وتم العثور على العينات خارج كوخ طيني قديم، مما مكن الباحثين من تحديد تاريخ ظهور رواسب ”الروث“ في العصر الحجري القديم تقريبًا.
وفي بحث نشر في ”PLOS One“، كشف الباحثون أن الصيادين كانوا يجلبون حيوانات حية، من المحتمل أن تكون الأغنام، إلى الموقع منذ ما بين 12800 و12300 سنة، حيث كانوا يحرقون روثهم كوقود أثناء تراكمه خارج الكوخ، وتم العثور على آثار روث إضافية بالقرب من موقد بالداخل.
وقالت سميث: ”هذا أقدم بنحو 2000 عام مما رأيناه في أماكن أخرى، على الرغم من أنه يتماشى مع ما قد نتوقعه في وادي الفرات، وقد يتوافق الانخفاض في مستويات الكبريت في الموقع مع ظهور رعي الحيوانات على نطاق واسع بعيدًا عن المساكن، وكانوا لا يزالون يحرقون الروث كوقود، لكنهم استخدموه أيضًا لإعداد الأرضيات الجصية“.
واستبدل الناس أيضًا أكواخهم الأساسية بمنازل من طوب اللبن، مما أضاف إلى أدلة ”الروث“ أنهم كانوا يجلبون أعدادًا صغيرة من الحيوانات الحية للاحتفاظ بها في الموقع.
وتقدم النتائج دليلا على أن القدامى بدأوا في تطوير ممارسات إدارة الحيوانات أثناء أو حتى قبل تطوير زراعة النباتات.
وفي البحث المستقبلي، يخطط علماء الآثار لتحديد مدى شيوع ممارسات رعاية الحيوانات المبكرة في مواقع أخرى في جنوب شرق آسيا.