دولة عربية تفتح أبوابها للسوريين بتسهيلات غير مسبوقة.. ما الذي جرى؟
كلما هدأت جذوة الحرب السورية بعد عقدٍ على اشتعالها، عادت معها أسطوانة حثّ اللاجئين السوريين على العودة إلى وطنهم المكلوم، إلا أن رياح العودة لا تجري كما تشتهي سفن الحال السوري المتهالك
فتقنين الكهرباء وصل إلى ساعات قليلة محددة، ورغيف الخبز بات صعب المنال، ومقسماً على أفواه العائلة الواحدة، كما أن دخل الفرد لا يكفيه أياماً معدودات من بداية الشهر.
الهرب من الجحيم
ويعيش السوريون اليوم بين جحيم الحرب المستعرة أو رحلة البحر وما خلفه من حلم الحياة الأوروبية، فأين المفرّ من جحيم المعيشة في سوريا؟
أمرٌ دفع بكثيرين إلى تجهيز حقائب سفرهم أو “ضب الشناتي” تلك العبارة الشامية التي ترددت كثيراً بين أهالي البلد في حقبة الحرب، والحصار معاً.
كما وتسري في أرجاء الشارع السوري حالة يأس ضربت أطنابها بقسوة، وزادت الحالة الاقتصادية الضاغطة المشهد سوداويةً وقتامةً، وتسللت خيبة أمل حول مستقبل البلاد ومصيرها المجهول، بعد عشر سنوات من الصبر.
وتكاد تكون الظروف الاقتصادية والأمنية، هي أبرز الأسباب التي تدفع بالشباب السوري للهجرة باتجاه بلدان أخرى بحثا عن حياة أفضل، ولعل تزايد معدلاتها خلال الآونة الأخيرة خير مثالا على ذلك
وخاصة الهجرة غير الشرعية، وما تمثله من خطر على حياة من يقدم عليها. إذ لا يكاد أن يمر شهر دون ورود أخبار عن وفاة أشخاص خلال رحلتهم إلى أوروبا.
لا يجب أن ينسى أو يغفل المجتمع الدولي عن الاحتياجات المتزايدة للنازحين واللاجئين السوريين داخل وخارج البلاد، وذلك بعد 11 عاما على اندلاع الأزمة التي زادت مؤخرا من ارتفاع معدلات الهجرة من سوريا. هذا ما أورده تقرير لـ الأمم المتحدة، مطلع العام الجاري.
وفي هذا الصدد أعلن الأردن تقديم تسهيلات للاجئين السوريين المقيمين في دول اللجوء والخليج العربي، وذلك لتنشيط الاقتصاد والسياحة وتجنّب موجة لجوء عكسية إلى المملكة، وفق ما نقلت وسائل إعلام أردنية.
وقالت وزارة الداخلية الأربعاء، إن الأردن ألغى قراراً قبل نحو عامين كان يمنع عودة اللاجئين الذين غادروا طواعية المملكة إلى دولة ثالثة، في إطار التسهيلات المقدّمة للمّ شمل العائلات السورية.
وأوضح مدير الجنسية وشؤون الأجانب في وزارة الداخلية، باسم الدهامشة أن هناك “تغيير في النهج ليصبح مبنياً على أسس محددة تعتمد على المصلحة الوطنية العليا للدولة الأردنية مثل المصلحة الاقتصادية وتعزيز السياحة للأردن وتنشيط الاقتصاد وتحقيق مصلحة الأردن في مجال حقوق الإنسان وسمعته في هذا المجال”.
وراعت التعليمات التي أصدرتها وزارة الداخلية “عدم حدوث موجة لجوء عكسية إلى الأردن وهذا هدف أساسي” بحسب الدهامشة الذي قال إن الأردن “لا يستطيع أن يتحمل لاجئين أكثر مما تحمل، وبالتالي عندما تناولنا الجانب الإنساني للاجئين السوريين راعينا مصالحنا العليا المتمثلة بعدم عودة اللاجئين واستقرارهم في الأردن”.
واختيرت الدول التي يمكن للاجئين السوريين العودة من خلالها بعد أن تم إعادة توطينهم إليها مثل الدول الأوروبية والولايات المتحدة وكندا واليابان وأستراليا إضافة إلى اللاجئين السوريين الذين غادروا طواعية إلى دول الخليج، لكن عائلاتهم بقيت في الأردن، سُمح لهم بالعودة للمملكة على ما ذكر الدهامشة.
وتحدث الدهامشة عن السماح للمجموعات السورية بدخول الأردن عبر مكاتب سياحية منذ عامين، مشيراً في الوقت الحالي إلى فرصة لقاء القادمين من سوريا مع الذين أعيد توطينهم في دولة ثالثة والتي لا يمكن لهم اللقاء إلا داخل الأردن.
وذكّر بقرار من الحكومة بـ “عدم السماح لمن يدخل للأردن بقصد الزيارة أو السياحة أو العلاج أو لأي هدف آخر أن يتقدم بطلب لجوء للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين”.
ومنذ 10 تشرين الثاني 2021، بلغ عدد السوريين الذين تقدموا بطلبات زيارة إلى الأردن الذين يودّون لقاء عائلاتهم أكثر من 34.5 ألف سوري دخلوا ضمن مجموعات سياحية وغادروا ضمنها بكفالة مكاتب سياحية أردنية معتمدة بحسب أرقام وزارة الداخلية.
في حين وصل عدد الذين قدِموا من أوروبا والخليج ودول أخرى للقاء ذويهم القادمين من سوريا أو الموجودين على أرض المملكة أكثر من 4 آلاف شخص.
وبحسب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، يستضيف الأردن نحو 670 ألف لاجئ من سوريا، ما يجعل الأردن ثاني دولة من حيث استضافة اللاجئين السوريين نسبةً لعدد السكان على مستوى العالم بعد لبنان.
وكانت مصر أعلنت الشهر الجاري عن إجراءات مماثلة ستقدّمها للسياح الأجانب وفي مقدمتهم السوريون والأتراك من خلال الإعفاء من شرط الحصول على التأشيرة لدخول أراضيها عبر المطارات والمنافذ والمعابر الحدودية.
وسمحت للسوريين من حملة التأشيرات السارية والمستخدمة لدول الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا واليابان وأستراليا ونيوزيلندا ومنطقة “شنجغن” والحاصلين على إقامات سارية بدول مجلس التعاون الخليجي بالدخول إلى البلاد بتأشيرة “اضطرارية” عبر المنافذ وذلك لحملة “التأشيرة أو الإقامة فقط” دون مرافقين.