ترند بوست // متابعات
أسسها السلطان عبد الحميد ورفـ.ـض رئيسُها طلب صدامَ حسين.. جامعة دمشق جوهرة الجامعات العربية التي أسقط هيبتها نظام الأسد
جامعة دمشق هذه الجامعة العريقة من أقدم الجامعات العربية بعد جامعة القاهرة وكان لها تصنيف عالمي بين جامعات العالم قبل أن يُفقدها هيبتها نظام الأسد.
كانت جامعة دمشق جوهرة الجامعات العربية، بسجل مذهل وحافل، ضم أسماء أكبر علماء الشرق الأوسط، وساسته، وأدبائه. ولكنها اليوم خارج التصنيف العالمي، وفي أدنى المراتب العلمية.
وإذ إنها لم تكن كذلك قط في تاريخها الطويل،فقد أسسها مؤسسوها لتبقى.
قصتها مع السلطان الطموح
انشغلت الأوساط العلمية في دمشق في كانون الثاني 1900، بخبر مفاده أنّ السلطان عبد الحميد الثاني يريد إقامة معهد علمي حديث مموَّل من وزارة المعارف. كانت الدولة العثمانية في حاجة ماسة إلى مدرسة طبية جديدة.
نواة جامعة دمشق: معهد الطب العثماني في دمشق
في السابع والعشرين من أيلول/ سبتمبر 1901، أصدر السلطان فرماناً بإنشاء معهد الطب العثماني في دمشق، لتدريس الطب البشري، والصيدلة.
كان أمر السلطان أن يكون التعليم مجانياً فيه، ومفتوحاً لمواطني الدولة العثمانية جميعهم، ويعطى الطلاب الدمشقيون الأولوية عن غيرهم.
وبالإضافة إلى العربية والتركية، كان على الطلاب أن يتقنوا اللغة الفرنسية، لأن كتب الطب العلمية جميعها كانت تُدرس بالفرنسية يومها، قبل أن تعتمد اللغة الإنكليزية في مناهج التعليم الطبي في سنوات لاحقة.
حُددت دراسة الصيدلة بثلاث سنوات، ودراسة الطب بست سنوات. وتقرر أن تحمل الشهادات ختم وزارة المعارف العثمانية، وبذلك يحق للخريجين فتح عيادات، وممارسة المهنة في أنحاء السلطنة.
السلطان عبد الحميد المؤسس الحقيقي
افتُتح المعهد في اليوم المحدد، أمام أربعين طالباً دمشقياً مرتدين بدلات رسمية سوداء، واضعين طرابيشهم الحمراء بكل أناقة واعتزاز، ليكونوا الرعيل الأول من طلاب جامعة دمشق المستقبلية.
أما عن المقر، فلم يكن جاهزاً لاستقبال الطلاب، بسبب إصرار السلطان على استعجال بدء العمل، فاستأجر فيض الله باشا مقراً موقتاً في حيّ الصالحية في أحد القصور التابعة لعائلة العظم العريقة.
في السنوات الأولى من تاريخ الجامعة السورية، كان معظم أعضاء الهيئة التدريسية من العثمانيين الأتراك، مع موظفين محليين.
بقي المعهد يعمل بانتظام مدة خمس سنوات من دون توقف، نال خلالها سمعة حسنة امتدت إلى الأراضي السورية كافة. وعندما وصلت الكهرباء إلى دمشق في شباط 1907، كان أول بناء يضاء بالكهرباء، هو جامع بني أمية الكبير، يليه السراي الكبير، ثمّ معهد الطب في الصالحية.
معهد الحقوق
عام 1913، بدأ التدريس في المعهد باللغة العربية، التي أصبحت اللغة المتبعة لمعظم المواد النظرية.
ثم بعد ذلك نقلت الحكومة مقر المعهد من الصالحية إلى البرامكة، وفي العام ذاته صدر فرمان سلطاني بإنشاء معهد جديد للحقوق في بيروت، مدة دراسته أربع سنوات، يفتح أبوابه بدءاً من تشرين الأول عام 1913.
درس فيه أكابر الحقوقيين والعلماء كعلي الطنطاوي وعدنان المالكي وزكي الأرسوزي.
ولادة الجامعة السورية
بدأ منذ العام 1919 بوضع اسم “الجامعة العلمية السورية” على شهادات كليتي الحقوق والطب، وصدرت بين 1919 و1920 أكثر من أربعين شهادة تحت هذا المسمى.
منع القانون التدخين في الحرم الجامعي، والتحدث في الدين، أو السياسة، منعاً كاملا، كما منع التظاهر لأي سبب كان، والاعتصامات، وتوزيع المناشير، والكتابة على الجدران. من يخالف هذه القوانين كان يُطرد فوراً من الجامعة، وكذا كانت العقوبة في حالة السرقة الفكرية والاقتباس، من دون ذكر المراجع المطلوبة في أي بحث علمي.
هكذا كانت الجامعة
كان التأخير في جامعة دمشق ممنوعاً، ولم يُسمح لطالب بدخول قاعة المحاضرات بعد مرور خمس دقائق على بدء المحاضرة، كما لم يحق للمدرس أن يتأخر أكثر من عشر دقائق، إلاّ في حال وجود عذر رسمي، وكانت الأعذار تقدم خطياً إلى لجنة يترأسها رئيس الجامعة نفسه.
بداية الاحتلال الفرنسي
عند سقوط الحكومة العربية، واحتلال الجيش الفرنسي دمشق، أبرقت سلطة الانتداب إلى باريس بالقول إنه لا داعي للإبقاء على كلية طب فيها،ولكن اجتجاج الطلاب ورفضهم أدبر الفرنسيين على الموافقة على اقتراحهم زيادة عدد المدرسين الفرنسيين فحسب. وافق غورو على الاقتراح، وأمر بالحفاظ على الجامعة.
في العام الدراسي 1930-1931، كان عدد الطلاب المسجلين في الجامعة 81 طالباً جديداً في الجامعة السورية، بينهم لوريس ماهر الطبيبة الدمشقية الشهيرة.
رفض رئيسها صدام حسن
لما ترأسها الدكتور أحمد السمان أيام الجمهورية المتحدة حصلت هذه القصة الطريفة:
في يوم من الأيام جاءته مجموعة من الشبان العراقيين الموالين للرئيس جمال عبد الناصر، والمقيمين في دمشق، بسبب قيامهم بمحاولة اغـ.ـتيال فاشلة ضـ.ـد الرئيس العراقي آنذاك عبد الكريم قاسم، وطلبوا الانتساب إلى الجامعة السورية، فلما رفع الطلب إلى رئيس الجامعة رفض الدكتور السمّان طلبهم.
وهذا أثـ.ـار غضب الطالب صدام حسين رئيس العراق لاحقا، الذي دخل مكتب رئيس الجامعة يستشيط غضباً، سائلاً كيف يُرفض في الجامعة السورية وهو “من رجالات” الرئيس جمال؟.
ولكن هادئا ردّ الدكتور السمان: “إذا رغب الرئيس عبد الناصر فعليه أن يقبلك في جامعة القاهرة! أنا أعتذر، لا مكان لك في جامعة دمشق!”، وبالفعل تابع صدام حسين دراسته في جامعة القاهرة.
حصل هذا النقاش في وقت كان الدمشقيون فيه سكارى بجمال عبد الناصر، ولا يردون له طلباً، والناس جميعهم يعملون ألف حساب له، ولجهاز مخابراته المخـ.ـيف المعروف بالمكتب الثاني. ولكن بالنسبة إلى رئيس الجامعة، كانت سمعة الجامعة، ومستوى طلابها، أهم من رضا الرئيس جمال عبد الناصر.
المصدر: سنابل أوروبا