ترند بوست – متابعات
في هذه الدول.. تزوج أكثر من امرأة وإلا السجن مدى الحياة!
تعدد الزوجات من أكثر المواضيع الشائكة فى الوطن العربي، بين مؤيد ومعارض، بين من يُسند الأمر للدين وبين من يرى فيه حقه وحريته.
وعلى الرغم من اختلاف الآراء، إلا أن الزوجات كانوا من أكثر من عارض هذه الفكرة، على الرغم من وجود بعض المؤيدات بينهن. ومع الشد والجذب الذي يتخلل هذا الموضوع، إلا أن الأمر مازال فى إطار الحرية الشخصية والاختيار. ولكن ماذا تفعل إذا اجبرتك الدولة على الزواج مرة أخرى وإلا تعرضت لعقوبة مشددة؟
وفقا لما ذكرته صحيفة “ديلى ميل” هذا بالفعل ما حدث فى عدد من الدول وخاصة بعد انتشار العنوسة بشكل كبير، مما دعا بعض الدول إلى فرض عقوبات شديدة على من يرفض الزواج مرة أخرى، فمثلا فى مدينة دونج جوان الصينية والتي يبلغ تعداد النساء فيها ثلاث أضعاف الرجال مما جعل الدولة تدعو إلى إمكانية الرجل بالزواج من 3 سيدات لحل هذه الأزمة.
أما في إريتريا والتى تقع فى شرق إفريقيا أجبرت الحكومة هناك الرجال على تعدد الزوجات، والارتباط بزوجتين على الأقل، على أن تتكفل الدولة بكل مصاريف الزواج والسكن، وجاء هذا القرار من وزارة الأوقاف والشؤون الدينية.
وشددت حكومة إريتريا على أن الرجال الذين يرفضون الزوج أكثر من مرة سيتعرضون لعقوبة السجن مدى الحياة، وفى حالة رفض زوجته يتم عقوبتها بالسجن أيضا.
ويرجع السبب فى هذا القرار إلي زيادة نسبة العنوسة مع زيادة تعداد الاناث وهجرة نسبة الشباب الذي يعمل فى الخارج وزواجهم بأجنبيات، بل وايضا بسبب الحرب الطويلة مع أثيوبيا.
وفى بلدان أخرى جرت العادة على زوج الرجل أكثر من امرأة واحدة، ففى السنغال تطلب الزوجة لزوجها، وعليها حضور مراسم الزفاف. أما فى قبائل الهوسة بنيجيريا، أن الرجل الذي لا يتزوج أربع نساء لا يستحق احترام الآخرين ويشكك فى رجولته.
استكمالا لموضوع تعدد الزوجات الذي بقي معلقا في التدوينة السابقة يجب أولا التعريج على هذا السلوك في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام-، والذي يُستخدم شيوعه آنذاك كحجةٍ لاعتبار التعدد مظهرا أصيلا من مظاهر المجتمع الإسلامي.
التعدد في القرآن الكريم وفي عهد النبي
نعم لقد كان التعدد شائعا في عهد النبي وبين صحابته، لكنه كان شائعا في الجاهلية قبل الإسلام أيضا كما كان الرق كذلك شائعا، وهذه المظاهر الاجتماعية كانت من سمات ذلك المجتمع. وكما أن الرق لم يُحرَّم في النصوص الدينية بشكل صريح ومباشر وإنما تم تقييده التدريجي، فإن آيات التعدد جاءت أيضا لتقييده في مجتمع يتزوج فيه الرجل عددا غير محدود من النساء، فكان الحد الأدنى الذي يحفظ بنية المجتمع من الانهيار في ذلك الوقت هو الاحتفاظ بأربع زوجات فقط.
ولكن القرآن لم يشجع على التعدد أبدا، بل كان مقرونا في موضع ذكره بالتخويف من عدم العدل، بينما وردت في آيات عديدة أخرى أحكام متعلقة بالعلاقة الزوجية من خطوبة وزواج وطلاق وغيرها دون ذكر التعدد أو التلميح له حتى. وهذه ليست دعوة إلى التحريم، فالتعدد مباح، ولكنها دعوة إلى عدم الادعاء بأن التعدد سلوك شجع عليه القرآن، بل هو واقع كان موجودا في ذلك المجتمع وقام القرآن بتقنينه. التعدد مباح نعم، ولكن ليس كل مباح مأتي، بل يجب وزنه بميزان المصالح والمفاسد وإلا تحول الحلال إلى حرام إذا غلبت مفاسده على مصالحه.
سورة يوسف والحب لغير الزوج في القرآن
النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يعدد في شبابه على محبوبته خديجة التي تكبره بخمسة عشر عاما، لم يرض لها ولنفسه بذلك، بل عدد بعد وفاتها تعدد قائد الدولة والنبي
حين ورد التعدد في موضعه الوحيد في القرآن الكريم كان مقرونا بحفظ حقوق اليتامى وبطمع الرجال في المال، ولم يكن مقرونا بتلك السياقات التي يتم تداولها على أنها حِكَم إلهية للتعدد، كالوقوع في حب امرأة ثانية أو الشهوة الجنسية الجامحة. في المقابل وردت رغبة المتزوج بغير زوجه في القرآن الكريم في سورة كاملة بطلتها امرأة!
يعلمنا القرآن في سورة يوسف أن الميل إلى الجنس الآخر أمر وارد يشترك فيه الجنسان، لذا لا يصح أن يكون مبررا للتعدد، بل تجب مجاهدته عند كل من الرجل والمرأة، ولعل الأمر عند الرجل أسهل وأيسر، فميله غالبا ميل جنسي قابل للكبح والفرملة خاصة مع وجود قنوات مشروعة لتصريفه، ولكن الأمر عند المرأة أصعب بسبب طبيعتها العاطفية المتحكمة، فميلها غالبا ميل عاطفي وصفه القرآن في سورة يوسف وصفا لطيفا “قد شغفها حبا”، والقلب عند المرأة، على عكس الجسد عند الرجل، لا يرضى إذا مال إلا بالمحبوب.
كيف يطاوعك قلبك أن تعدد على شريكتك؟
نعم كان التعدد شائعا في وقت مضى، وكان أمرا مقبولا لا تستنكره النساء، تعلم الواحدة منهن يقينا إذا تزوجت أنها لن تكون الزوجة الوحيدة لزوجها. وكان له غايات كثيرة غير الرغبة الجنسية كالتأليف في حالات النزاع ورعاية اليتامى وخطب ود الزعماء والطمع بالمال وغير ذلك، ولكنه الآن أصبح مقصودا بذاته لغاية تمتع الرجل بامرأة أخرى دون زوجته. وهو في وقتنا ومجتمعاتنا هذه لم يعد مقبولا لدى النساء،
بل يعد إهانة عظيمة للمرأة وسفحا لكرامتها وانتقاصا لقدرها بين أهلها وأقرانها، وهو مدعاة لشماتة أعدائها بها ولشفقة القريب والبعيد عليها، وهو فاطر لقلبها وكاسر لخاطرها ومورثها لأمراض النفس والجسد، فأي ظلم عظيم هذا الذي قد يقترفه الرجل بحق زوجته حين يعدد عليها دون رضاها؟ أي ظلم عظيم تسكت عنه هذه المرأة مقهورةً عليه بسيف الدين ورضا الزوج وبسيف الطلاق والأولاد؟!
ألا يناقض ذلك القواعد الثابتة التي تحكم العلاقة الزوجية في الإسلام كالشورى والإحسان والمودة والعشرة بالمعروف؟ إن النبي عليه الصلاة والسلام لم يعدد في شبابه على محبوبته خديجة التي تكبره بخمسة عشر عاما؟ لم يرض لها ولنفسه بذلك، بل عدد بعد وفاتها تعدد قائد الدولة والنبي. وإن الإقدام على هذا الأمر دون موافقة الزوجة في وقتنا هذا ينفي صفة المروءة عن الرجل وينم عن أنانية وقسوة في القلب تسمح له بالغدر بشريكة حياته التي آمنته على نفسها وقلبها وعمرها وتزوجته على عهود الوفاء للحب الأبدي.