من لاجئ إلى رجل أعمال وصاحب إحدى أكبر شركات السيارات في السويد.. قصة نجاح السوري “عبد الملك العكلة”
“النّجاح إرادةٌ وعملٌ، لا يرتبطُ بمكانٍ دونَ آخر”، بهذه الكلمات يختصر رجل الأعمال السوري “عبد الملك العكلة” قصّة نجاحه في دول الاغتراب وتحوّلِه من لاجئ فرَّ من جحيمِ الحربِ إلى واحدٍ من رجالِ الأعمال، ومالكٍ لإحدى أكبر شركات تجارة السيارات في السويد.
عندما قال “مارتن لوثر كينغ”، لديّ حلمٌ، لم يكتفِ بالقولِ بل أيّدَ قوله بالعمل، فالحلم هو أساس الطريق لكل من يريد أن يحقق النجاح في أي مهنة، وهو الفكرة التي ستستند إليها أعمالُ الشخص الحالم ليتحقق له الحلم، قد يسميها البعض مجازفة أو طمع، ولكني أراها طموحاً يمكن تحقيقه بالإرادة والعمل، بحسب (العكلة).
وقد قالت العرب، “وقد فاز باللذاتِ الجَسورُ”، بهذه العبارات يتحدّثُ رجلُ الأعمالِ السوري “عبد الملك العكلة” بعدَ أن كافحَ ليثبتَ للقريب والبعيد أنّ اللجوءَ مرحلةٌ في حياةِ الإنسان، وليس قدراً يختمُ بهِ الإنسانُ حياتَه.
فاللاجئ الذي وصل إلى السويد من لبنان بداية عام 2014، هو ذاتُه رجل الأعمال الذي وصل بشركته وأعمالِه إلى العالمية، بتجارته التي تغطّي قارّاتٍ خمس من قارات العالم اليوم.
يتحدث (العكلة) عن بدايات رحيله من سورية خلال حديثه لموقع “هيومن نيوز” قائلاً: “في عام 2012 تم تهجيرنا من بلدنا سورية إلى لبنان جراء الحرب التي أهلكت العباد والبلاد، وفي بداية عام 2014 انتقلنا إلى السويد عن طريق هيئة الأمم المتحدة“.
ويضيف في حديثه: “بدأت الحياة الجديدة بالدراسة وتعلمت في المدرسة المخصصة لتعليم اللغة السويدية للقادمين الجدد، حيث قضيْتُ فيها ثلاثةَ أشهر فقط لأنتقلَ إلى توزيع الخضار والمواد الغذائية في سيارة نَقْلِ صغيرة، ولقد اتّجهْتُ في عملي هذا إلى العائلات الجديدة التي أتت إلى السويد”.
(العكلة) البالغ من العمر 39 عاماً، متزوّج ولديه ثلاثة أطفال يحاول خلال حديثه ل “هيومن نيوز” بث الطاقة الإيجابية ونشْر كل ما من شأنه أن يشجّع أصحاب الطموح للمضيّ قدماً في تحقيق طموحاتهم.
ولكنّ “هيومن نيوز” طرحت سؤالاً عن الصعوبات التي واجهت (العكلة) في طريق نجاحه فكان الجواب التالي:
“ليس من السهل على أي إنسان أن يبدأ حياةً عملية جديدة من الصفر في بلدٍ غير البلد الذي وُلد ونشأ فيه، ولاسيّما أن اللغة التي هي وسيلة التواصل ومفتاح دخول أي شخص إلى المجتمع هي لغة جديدة وغريبة أي أنها ليست من اللغات الأكثر شيوعاً، ولكن ذلك كلّه يتلاشى أمام العزيمة المقرونة بالعمل الدؤوب.
التحدّي الأكبر كان يتمثّل في وجود لوبيات تجارية تتعصب للقومية التي تنحدر منها، فكان الوضع أشبه بمافيات تجارية تمارس كل ما يلزم لإعاقة الناشئين الجدد في سوق تجارة السيارات.
لم تكن أساليبهم أخلاقية أو قانونية على الدوام، بل كانوا يلجؤون في بعض الأحيان إلى ممارسات أقل ما يقال فيها إنها غير أخلاقية.
ولكن الرد عليهم وعلى ممارساتهم كان بالإصرار على تحقيق الهدف، وعدم الالتفات إلى صراعات لا تخدم عملية تحقيق الهدف.
كان المشروع التالي بعد التجارة بالخضروات والمواد الغذائية هو افتتاح مركز توزيع على مستوى جُمْلة في المدينة الأكبر في إقليم سكارا بوري الذي نعيش فيه، كان المركز في تطوّر مستمر حتى غدا من المراكز الأكثر نجاحاً ومبيعاً على مستوى السويد.
لم يكن ما سبق إلا خطوة تتبعها خطوة في طريق تحقيق الهدف، ولهذا فقد اتّخذتُ القرار بالخروج من الشراكة في مركز توزيع الجُملة واتجّهتُ إلى سوق السيارات الأوربية بادئاً بالسويدية منها.
ويضيف العكلة: بعد أن درستُ اللغة الانكليزية، سافرت إلى أفريقيا عام 2017، ولم أعرف أي شخص في هذه الدولة ولكني التقيت بشخص في المطار وطلبتُ منه أن يأخذني إلى السوق الحرة في أفريقيا.
يتابع (العكلة) حديثه: “كان أغلب التجار من لبنان، وفي أقل من شهرين تعلمت اللغة الفرنسية حتى أستطيع أن أتكلم مع التجار الموجودين في هذا السوق، ثم عدت إلى السويد وقمت بافتتاح شركة خاصة بتصدير السيارات”.
وبحسب (العكلة) فإن بيروقراطية القوانين في السويد وما يعنيه ذلك من أكوام المعاملات الورقية، كان عائقاً جديداً وليس سهلاً وقف في طريقه، ولكنّه أكسبه خبرةً في التعامل القانوني فيما يخص سوق العمل.
وذكر في حديثه: “لم تكن طريق بيع السيارات في إفريقيا معبَّدة تنتظر مروري فوقها، بل حصلت مجموعة أخطاء كادت تقضي على طموحي، ولكن وقوف إخوتي معي ساعدني على الصمود إلى أن وجدتُ الطريق الأسهل والأكثر أماناً لنقْلِ السيارات إلى السوق الإفريقية”.
كانت الخطوة التالية هي التوسّع في العمل وتحويل الشركة ذات المسؤولية الفردية إلى شركة مساهمة، برأس مال يزيد عن مليون دولار أمريكي، ما يجعل إمكانية المنافسة مع شركته أقل وأصغر.
وأصبح لديه عدد كبير من الموظفين، منهم موظفون من أفريقيا ولبنان والسويد والنرويج، وبعد هذا العمل والتوسع أصبحت الشركة بحاجة إلى إدارة كبيرة، ولأكثر من شخص، وبعد أن كان شقيقه يعمل في المطاعم انتقل إلى الشركة وبدأ العمل فيها.
ووفقاً لكلام رجل الأعمال السوري: “بداية عام 2021 بدأت أزمة كورونا، ولم أستطيع أن أسافر إلى سوق أفريقيا ولا حتى الذهاب خارج المنزل، في هذه المدة التي قضيتها في المنزل قمت بالاتصال مع أخي ليسافر هو ويقوم باستلام الشركة في أفريقيا، وأصبح هناك إقبال كبير على بيع السيارات، حيث في كل شهر كنا نقوم بتحويل أكثر من 100 سيارة إلى أفريقيا”.
ويضيف (العكلة): “قمنا بتوسيع المشروع، وعملنا على شراء سيارات الشحن الكبيرة من اليونان، وتوسيع العمل أكثر، وبعد هذا قمنا بشراء أرض لنقوم بوضع السيارات عليها، وقمنا بشراء منزل ليصبح مكتب للإدارة، ونجح المشروع برأس مال كبير، واكتسبنا السمعة الجيدة في السوق، بينما أصبح البيع عن طريق الصورة فقط، وأصبح لدى التجار ثقة كبير في الشركة”.
وختم (العكلة) حديثه بالقول: “نهاية عام 2021 قمنا بافتتاح شركة جديدة في أفريقيا، وفي هذا العام كانت البداية جيدة، ولكن بعد انتهاء أزمة كورونا بدأ الإعلام الغربي يصرح بأن اللاجئ هو من يؤثر ويقوم بتخريب اقتصاد البلد من خلال خداعهم للأنظمة، فأصبحت الضغوطات على اللاجئين تزداد، وهذا السبب دفعنا للانتقال وافتتاح شركة جديدة في بريطانيا”.