ترند بوست – متابعات
تعرف على قصة منزل “عائلة الأبرش” الذي أخاف السوريين عبر عصور وقصص الجن المنسوجة حوله
وسط المنازل باهظة الثمن في منطقة الجسر الأبيض بدمشق، يقع مبنى مؤلف من طابقين وعلامات الإهمال واضحة على تفاصيله الخارجية من نوافذ وأبواب لم تفتح منذ عدة سنوات.
موقع المنزل في أحد أرقى أحياء العاصمة، وتصميمه المعماري الرفيع، متصدرا زاوية مميزة، فتحت خلال أربعة عقود أبواباً للقيل والقال عند أهل دمشق. وتطورت القصص المتناقلة عن المنزل بدءا من خلافات عائلية أدت إلى بقاء المنزل فارغاً، إلى أحاديث عن جنٍ تغلغلوا في أرجائه.
“شيخ عابد دفن في أرض هذا المكان وبنى أولاده منزلا فوق ضريحه محولين مياه الصرف الصحي نحوه، لتحل لعنته عليهم وعلى كل من حاول استثمار المكان”. جملة تقابل الباحثين عن إجابات وتفسيرات حول مبررات فراغ المنزل.
وعند كتابة عبارة “منزل الأشباح في دمشق” على مواقع البحث، تظهر عشرات المقالات التي تعطي تفسيرات حول المنزل وأغلبها يرجح قصصاً ربطت بين المنزل والعفاريت والجن، حتى أن بعض المواقع الإلكترونية تحدثت عن عرض المنزل بمبلغ نصف مليون سورية (ما يعادل 100 ألف دولار وقت العرض)، لتتقدم شابة روسية وتشتري العقار إلا أنها لم تنتقل إليه ولم يتغير وضعه.
ورصد موقع تلفزيون سوريا، في تموز الجاري، سؤالا تفاعليا في فيس بوك عن منزل الجسر الأبيض، نشر على مجموعة “Humans of Damascus” المتخصصة بالشخصيات الدمشقية والأماكن الأثرية في العاصمة وهي مشروع يهدف إلى حفظ ونشر وإحياء التراث الإنساني لمدينة دمشق.
ويسأل ناشر السؤال عن المنزل المهجور في حي الجسر الأبيض منذ سنوات، والذي حامت حوله لاحقا الحكايا والأساطير، وأرفق مع سؤاله صورة خارجية للمنزل.
يجيب رائد الأبرش على السؤال بالقول: “المنزل مملوك لأبناء عمي وهم مقيمون في دمشق، وتم إنشاء المنزل من قبل جدهم في ستينيات القرن المنصرم وتزامن ذلك مع عدة قصص تتعلق بموقع المنزل، وظهرت على إثرها تلك الروايات العارية عن الصحة، والتي لا تتماشى مع العقل والمنطق وإنما تهدف إلى البخس من قيمته لا أكثر”.
ويتابع الأبرش: “توفي المالك (الجد) وأولاده وانتقلت ملكية المنزل إلى يد الأحفاد. وقضيت فترة الطفولة وأنا أزوره رفقة والدي في خلال فترة التسعينيات وكان يستخدم كمكتب لأحد أبناء عم والدي، ولم أر أو أسمع أي أمر مريب أو مثير للاهتمام بل على العكس لطالما أعجبت بالمكان وطريقة البناء الدمشقية القديمة”.
ورداً على التساؤلات الكثيرة حول بقاء المنزل فارغاً وعدم استثماره أو تأجيره، يقول الأبرش: “هناك أناس يغلقون بيوتهم ولا يستثمرونها لأسباب شخصية، ويحق لأصحاب البيت الاحتفاظ بالإجابة”.
وأضاف أن المنزل رمم جزء منه في السنوات الأخيرة واستثمر من قبل أحد أبناء عمومته، والترميم ظاهر للمارة من خلال الدهان الجديد في تلك الزاوية من البناء.
بدوره، أكد الدكتور باسل حكيم أنّ المنزل الواقع خلف جامع الجسر الأبيض تماماً، تعود ملكيته لعائلة الأبرش، وبقي مهجوراً لسنين طويلة وهناك قصص غير حقيقية عن وجود أشباح تسكنه. وعام 2010 بدأ أصحابه بأعمال ترميم بسيطة لإعادة بناء قسم من البيت، وحالياً شارفت الأعمال على الانتهاء ولكن لم يُسكن بعد. وينفي حكيم الذي يمتلك عيادة خلف بيت الأبرش سماع أو رؤية أي أمر غير طبيعي على الإطلاق منذ عشرين عاماً.
كما ينفي أحمد شعبان الموظف في إحدى الشركات الخاصة، وجود أي ظواهر غريبة بالقول: “كنت أعمل في مكان لصيقٍ بالبيت بدوام مسائي ولم ألحظ أي أمر غريب”.
شجرة الليلك الأجمل تنبت في حديقة المنزل
السيدة سميرة حسني لم تهتم بقصص الجن المرافقة للمنزل بقدر ما لفت نظرها “نبتة ليلك” نَمَت في حديقته والتصقت بجدرانه حتى بلغت سطح المنزل، وتعقّب السيدة حسني: “هاجر أصحابه وبقي البناء مغلقاً وانتشرت القصص والإشاعات حوله بأنه مسكون من الجن وتسمع لهم أصوات بالليل وكله كذب لا أساس له”.
وتقول ريم عجان الموظفة في أحد البنوك: “أسكن في نفس الشارع .. ولا يوجد أي شيء مريب حوله.. مجرد بيت مهجور أصحابه مغتربون.. ويقال إن قصص الجن إشاعات بسبب خلاف قديم بين الورثة”.
وتضيف الشاعرة كمالا خيربك أن المنزل اكتسب شهرته بأنه “مسكون” عندما حاول المذيع المصري يسري فودة تصوير إحدى حلقاته داخله وتعرض لتجربة غريبة جداً، منعته من الدخول والتصوير على حد وصفها.
وبالعودة إلى البرامج التي قدمها فودة في تلك الفترة، فقد قدم عبر قناة الجزيرة حلقة بعنوان “أرواح وأشباح” بتاريخ 19 من تشرين الثاني 1998، ضمن برنامج حمل اسم “سري للغاية”.
وتناول فودة قصصاً عن ظاهرة “الأرواح والأشباح” في عدة دول حول العالم، لكن لم يرد أي ذكر للمنزل في منطقة الجسر الأبيض أو في دمشق عموماً.