ترند بوست – متابعات
زواج الشغار.. ظاهرة جديدة تجنب دفع تكاليف الزواج تنتشر في الشمال السوري وتثير ردود فعل غاضبة
لم تر (سعاد. ك 28عاماً) أطفالها منذ 5 أشهر بعد أن تخلى عنها زوجها الذي تزوّجت منه تحت عرف “الشغار” أو “البدل”، لتكون ضحية هذا النوع من الزواج الذي أجبرتها عليه الظروف المحيطة من نزوح وأوضاع معيشية واقتصادية مزرية.
ويُعرف زواج الشغار بتزويج الرجل ابنته أو وليّته على أن يزوجه الآخر وليّته دون صَدَاق بينهما ولا مهر، في حين يبقى مصير الزيجتين معلّقاً ببعضهما، وغالباً ما يتم هذا الزواج بالإكراه ودون استشارة صاحبة العلاقة والرجوع إلى رأيها.
تقول سعاد إن والدها وأخاها أجبراها على هذا الزواج شريطة تزويج أخيها من أخت المتقدم لها، بمعنى “عطونا بنتكم وخدوا بنتنا”، خاصة وأن حالة ذويها المادية لا تسمح لهم بدفع تكاليف الزواج المرتفعة لشقيقها الذي “كسب سعادته على حساب تعاستها وتشرد أطفالها”.
وأضافت أن شقيقها طلّق أخت زوجها إثر مشاكل عائلية وعدم التفاهم بينهما، ما دفع زوجها للتخلي عنها كنوع من “رد الاعتبار” من خلال إبعادها عن طفليها بعد طلاقها، لتعود إلى منزل أهلها مطلقة دون أي حقوق تحفظ لها حياتها وكرامتها.
وتشير الشابة الثلاثينية إلى أنها تعيش الآن على أمل تحسن العلاقات بين شقيقها وزوجته علها تتمكن من العودة إلى طفليها الذين لم ترهمها منذ أكثر من 5 أشهر دون أي ذنب سوى لأن “استمرار حياتها الزوجية متعلق بأشخاص آخرين”. على حد وصفها.
وتتابع بحزن أنها تتعرض لضغوط نفسية شديدة من عائلتها وأخيها حين تطالب بحقها في رؤية أطفالها، كما تتعرض لضغوط مشابهة للتخلي عن أمل عودتها لزوجها وعائلتها، والزواج مرة أخرى، وهو ما سيُبدد آمالها في لقاء أبنائها وتربيتهم.
وينتشر عُرف “زواج الشغار” أو ما يُعرف بـ “زواج البدل” في محافظة إدلب وخاصة منطقة المخيمات، حيث الكثافة السكانية العالية، وهو عرف عززته حالة عدم الاستقرار والأوضاع الاقتصادية والمعيشة المزرية، بالإضافة لارتفاع أعباء و تكاليف الزواج الذي زاد من انتشار مثل هذه الزيجات.
ولا توجد إحصائية رسمية أو موثّقة لعدد ضحايا هذه الظاهرة، في حين أكدت ناشطات انتشار هذا النوع من الزواج نتيجة الأوضاع التي يمرّ بها السكان والأهالي من نزوح وتدنٍّ بمستوى المعيشة التي تدفع الأهل للجوء إلى هذا الزواج، لعدم قدرتهم على تحمّل نفقات الزواج المرتفعة والتي لا طاقة لهم عليها.
ضحايا آخرون
لم تكن (شيرين. أ 25عاماً) وهي إحدى ضحايا زواج الشغار، تعلم أن مشكلة أخيها في عدم الإنجاب ستتسبّب بطلاقها الذي حرمها من أمومتها وحياتها الأسريّة، وقلب حياتها رأساً على عقب.
تقول شيرين لأورينت نت، إن صغر سنها وجهلها بمشاكل وتبعات هذا الزواج دفعها للقبول به والرضوخ لضغوط عائلتها التي شجّعتها عليه، مقابل زواج أخيها من شقيقة زوجها دون تكاليف أو مهر، فحق كل زوجة منهما مرتبط بالأخرى.
وأضافت أنها لم تواجه أي مشاكل في حياتها الزوجية على مدى 5 سنوات رزقت من خلالها 3 أولاد ( طفلتان وطفل)، في حين لم تتمكن زوجة أخيها من الإنجاب بسبب أمراض عقم مستعصية، ما دفع أخيها لطلاق زوجته والزواج من امرأة أخرى.
أعراف ظالمة
“أعراف ظالمة ومجتمع لا يرحم” جملة قالتها شيرين، في إشارة للأوضاع النفسية والاجتماعية التي تعاني منها بعد أن طلّقها زوجها كنوع من الرد بالمثل على طلاق أخته، في حين تتلقى تأنيباً مستمراً من ذويها حين تصارحهم برغبتها في العودة إلى زوجها وعائلتها.
وأشارت إلى أن أخيها لم يتأثر من قراراته، خاصة بعد زواجه الثاني، إذ إنها كانت الضحية الوحيدة من هذا الزواج الذي تصفه بـ” البائس” والذي جعل أطفالها الثلاثة دون أي رعاية أو اهتمام في مواجهة خطر الضياع والتشرد.
ولا تُخفي الشابة رغبتها في استكمال دراستها وتحصيلها العلمي الذي انقطعت عنه بعد زواجها، خاصة بعد أن باءت جميع محاولاتها في العودة إلى زوجها وعائلتها بالفشل.
مخاطر الظاهرة
من جهتها، تحذّر خلود الأمين وهي مرشدة نفسية واجتماعية من مخاطر هذه الزيجات التي تفرض على الفتاة شريك حياتها دون أي قيمة أو حقوق أو حتى اعتبار، وهو ما يعزز التفكك الأسري والمجتمعي بين العوائل، عبر فشل معظم هذه الزيجات التي تكون المراهقات والطفلات المتضرر الأكبر من آثارها.
تقول المرشدة الاجتماعية إن الجهل وقلة الوعي، بالإضافة لغياب حقوق الفتيات بالتعليم كان له الدور الأبرز في تنامي هذه الظاهرة الخطيرة التي ستُلقي آثارها على فئة النساء والأطفال، خاصة وأن هذه الزيجات لا تضمن حقوق الزوجة ولا كرامتها.
وأضافت أن ظاهرة زواج “الشغار” كانت موجودة سابقاً بنسب قليلة بين بعض العوائل القبلية ذات الطابع العشائري، ولكنها عادت بقوة خلال السنوات الأخيرة كإحدى أخطر مفرزات الحرب التي تشنها مليشيا أسد على السوريين منذ 11 عاماً.
وأشارت إلى ضرورة التوعية وتسليط مراكز دعم وتمكين المرأة الضوء على هذه الظاهرة الخطيرة، وهو ما سيحدّ من انتشارها بشكل كبير بين أوساط المجتمع المحلي، وخاصة في المخيمات التي تشكل بيئة خصبة لانتشار هذا العرف السائد.