ترند بوست – متابعات
سوريّة تزوجت رجلا من غير دينها.. وعندما أنجبت منه طفلا صدمت بقرار حكومي لايخطر على البال
على الرغم من أن زواجها مثبت بعقد عرفي شهد عليه والدها ووافق عليه موافقة تامة، إلا أن “روز” لم تتمكن من تثبيت زواجها في الدوائر الحكومية، وبالتالي أصبح مولودها أيضاً مكتوم القيد في وطنه محروماً من حقوقه في هذه البلاد التي ولد على أراضيها، وذلك لأن القانون يمنع تسجيل الزواج بين مسيحي ومسلمة.
تقول “روز” 43 عام وهي من مدينة سلمية في ريف حماة ومسجلة في الدولة “مسلمة” أنها تزوجت شاباً من بلدة “منبج” شمال سوريا وانتقلا للعيش معاً في مدينته وأمضيا أياماً ممتعة مليئة بالحب وأنجبا طفلاً هناك، إلا أنه عندما اندلعت الحرب في البلاد وأصبح الواقع هناك محفوفاً بالمخاطر فاضطرت للعودة إلى سلمية حيث الواقع هناك أكثر أماناً في حين بقي زوجها في المنزل، إلا أن اشتداد المعارك وظروف الحرب تسببا بفقدان الرجل وأصبحت “روز” بلا زوج مع طفل وحيد.
بغياب الزوج أصبحت “روز” وحيدة في مواجهة القانون في هذه البلاد الذي منعها من تسجيل زواجها بحجة أنه باطل على اعتبار أنها تزوجت من غير دين. رفعت “روز” دعوى تثبيت زواج استمرت لعامين إلا أنها انتهت بالرفض من القضاء في سلمية، فأعادت المحاولة في مدينة “حماة” ولم تكن محاولتها الثانية أفضل من الأولى، فزواجها مرفوض والابن مجهول النسب.
الابن انسان من دون حقوق
تقول “روز” لـ سناك سوري: «ابني اليوم لا يملك أوراق ثبوتية، ولولا قرار التربية السماح للأطفال بالدخول إلى المدرسة بدون أوراق رسمية بسبب الحرب والنزوح لما استقبلت المدارس ابني، كما أنني محرومة من الحصول على مخصصات البطاقة الذكية لأنني لا أملك دفتر عائلة»، مشيرة إلى أنها تعاني مع ابنها أيضاً من النظرة السلبية لبعض المتشددين في المجتمع، رغم أن مدينتها غير منغلقة وتتمتع بمجتمع منفتح ومثقف أي أن نسب المضايقات محدودة.
كل هذا رغم أن لدي عقد زواج وزوج معروف، ومع ذلك اعتبر القاضي الزواج باطلاً، لهذا أنا لم أزل على دفتر عائلة أهلي ومسجلة في السجلات المدنية أنني عازبة، وابني يعتبر مجهول النسب، ولن يكون معه هوية في يوم من الأيام، وقد يحرم من متابعة التعليم.
الخيار الوحيد المتاح أمام “روز” والذي أوحي لها به كخلاص لقضيتها أن تدعي أنها قامت بفعل “الزنى” كما يتم وصفه بالأوساط الدينية، وأنها اختلت برجل مجهول الهوية بالنسبة لها وقد أدت هذه الخلوة لإنجاب هذا الطفل، وبالتالي يصبح تسجيله ممكناً لكن من دون أب!!
تتساءل “روز” المتألمة من أجل ابنها ومن أجل نفسها، «لأفترض أنني لا أملك عقد زواج يثبت علاقتي بأي رجل، لماذا لا يوجد قانون يتيح للأم أن تسجل ابنها على اسمها ويكون التسجيل نظامي وقانوني، وبالتالي يحصل الابن على جميع حقوقه»، وتضيف:«نحن بحاجة لتغيير المفاهيم المجتمعية بعاداتها وتقاليدها، وكتابة قوانين على أسس مدنية بعيدة عن الأديان والأعراف».
عائلات تسجل أبناءها باسم أخوتها
قصة “روز” ليست الوحيدة فهناك الكثير من العائلات السورية حسب المحامي “حسان قصاب” و من تلك العائلات من سجل اسم أولاده على اسم إخوته ومنهم من غّير دينه، وآخرون كحالة الأم “روز” بقي الأولاد معلقون وليس لهم وجود قانوناً حيث تنص المادة ٤٨ من قانون الأحوال شخصية أن زواج المسلمة بغير المسلم باطل.
النص القانوني السابق ترك الكثير من العائلات بغير سجلات قانونية وفق “قصاب” الذي يوضح التناقض المتعلق بتثبيت أنساب الأطفال، فيقول:«حسب الشريعة فإن الولد للفراش أي أن الولد يتبع نسب أباه الذي منه تم الإلقاح وهنا الخلل العظيم، فكيف بموجب النص ينسب الولد لأبيه ونحن نبطل كافة الإجراءات التي تنتج عن الزواج ولو كان باطلاً وفق النص المادة ٤٨ أحوال شخصية للمسلمين أي أن هذا النص مخالف للشريعة»، ويراه “قصاب” نص عنصري يغذي التطرف بكافة أشكاله، ويطالب بتعديله أو إلغائه وإيجاد قانون جديد هو قانون الزواج المدني.
مشكلة الزواج من خارج الطائفة أساسها قانوني
يواجه الزواج المختلط ما بين السوريين، مشكلة تمنع الزواج من خارج الطائفة تقوم على أساس قانوني، حسب دراسة للمحامية “سحر حويجة”، تقول الدراسة: «كل المذاهب تمنع الزواج من خارج الطائفة، أمام محاكمها الطائفية، حيث يمنع زواج الدرزي أو الدرزية من خارج المذهب أمام المحكمة الدرزية، حتى أنه لا يقبل طلب الدخول إلى المذهب من قبل المحكمة، ويمنع زواج المسيحي من خارج الطائفة إلا بعد المعمودية، ويعتبر اختلاف الدين من موانع الإرث وفق المادة 178 من القانون رقم 31 قانون الطوائف الكاثوليكية».
وتضيف “حويجة”: «جاء في المادة 50 من قانون الأحوال الشخصية أن الزواج الباطل لا يترتب عليه شيء من آثار الزواج الصحيح لا نسب ولا توارث لاختلاف الدين، وبناء عليه على المسيحي تغيير دينه، حتى يقبل زواجه من مسلمة».
لهذه الأسباب يعيش الأبناء تحت رقابة وتدخل الأهل في صداقاتهم وعلاقاتهم، والتحذير من توطيد علاقاتهم خارج طوائفهم خوفاً من إقدامهم على خيار الزواج من خارج الطائفة أو الديانة، لأن التفكير بهذه الخطوة عواقبها وخيمة خاصة اتجاه النساء، حيث يتم تهدديهن بالقتل، وترى الدراسة أن الحل بالزواج المدني.