مشروع بدأ في 1947.. ما “ساعة القيامة” التي تشير إلى قُرب الفناء وكيف تُحسب؟
قررت هيئة العلماء المشرفين على “ساعة القيامة” تحديث عقاربها، لتصبح أقرب من أي وقت مضى من موعد الفناء البشري. هذا وتعتبر الساعة أداة حساب رمزية لقدرة البشرية على تدمير ذاتها، ويعود تأسيس المشروع إلى أعقاب الحرب العالمية الثانية.
“أقرب إلى الفناء من أي وقت مضى..” هكذا وصفت هيئة العلماء المشرفين على مشروع “ساعة القيامة”، وضع البشرية خلال آخر تحديث لعقارب الساعة، يوم الثلاثاء. مرجعين ذلك إلى الخطر النووي المتصاعد بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا، وانتشار النزاعات المسلحة في مناطق أخرى من العالم.
وتعد “ساعة القيامة” أداة حساب رمزية لقدرة البشرية على التدمير الذاتي، حيث أطلق علماء مشروعها في أعقاب الحرب العالمية الثانية، ومثَّلت خلال الحرب الباردة ناقوس الخطر في وجه كل تصعيد عسكري بين القطبين المتنازعين. فيما يظهر تحديثها اليوم نتائج غير مسبوقة خلال كل الأزمات التي عرفتها البشرية منذ تأسيس المشروع.
ما “ساعة القيامة” وكيف تُحسَب؟
في عام 1947، قرر العلماء الذين ساهموا في تطوير البرنامج النووي الأمريكي المعروف باسم “مشروع مانهاتن”، ومن بينهم العالم الألماني ألبرت أينشتاين، تأسيس هيئة “نشرة علماء الذرَّة”، والتي من خلالها جرى إطلاق مشروع “ساعة القيامة”، في محاولة لتنبيه العالم إلى خطر الفناء النووي بعد أن كانوا المسؤولين عن إخراج هذا السلاح إلى الوجود.
وتعد “ساعة القيامة” أداة رمزية لحساب مدى اقتراب البشرية من الفناء، اعتماداً على قياس قدرتها التدميرية الذاتية. ويشير منتصف الليل على الساعة إلى لحظة الفناء، وبالتالي فمهمَّة أولئك العلماء قياس مدى اقترابنا من تلك اللحظة بالثواني، وهو ما يجري الكشف عنه عبر كل تحديث لها على رأس كل عام جديد.
ويمكن لوضع عقارب هذه الساعة أن يتغير في الاتجاهين، أماماً أو إلى الوراء، وفقاً لتدهور الوضع الإنساني أو تحسنه. فقد بلغ عدد الدقائق الفاصل بين عقاربها أقصى مداه عام 1991، إثر انتهاء الحرب الباردة، حيث ابتعدت البشرية عن نهاية العالم بـ17 دقيقة. بالمقابل شهدت أقصى اقتراب لها من منتصف الليل خلال تحديثها الأخير، إذ لم تعد تفصل البشرية عنه سوى 90 ثانية.
ومنذ تأسيسها، عاد الزمن بالساعة إلى الوراء 8 مرات، في حين تقدمت 16 مرة نحو الفناء، قبل تحديثها يوم الثلاثاء.
ويجري حساب هذه المدد الفاصلة اعتبارياً، في ارتباطها بسياسات التسلح العالمية وتطورات النزاعات في الساحة الدولية. ومع أنها أسست بشكل رئيسي للتنبيه من الخطر النووي، إلا أنها أصبحت تشمل أخطاراً أخرى تهدد بقاء البشرية، على رأسها التغيرات المناخية .
قرب غير مسبوق من الفناء
وفي آخر تحديث لـ”ساعة القيامة”، يوم الثلاثاء، خلصت هيئة “نشرة علماء الذرة” إلى أن 90 ثانية فقط تفصل البشرية عن منتصف الليل، موعد الفناء حسب توقيت الساعة. وأرجعت الهيئة ذلك إلى أن الحرب في أوكرانيا وضعت العالم أمام خطر غير مسبوق، إضافة إلى التهديدات البيولوجية والأزمة المناخية وانتشار التضليل الإعلامي والتشويش التكنولوجي.
وفي بيانها الصحفي، يوم الأربعاء، قالت الهيئة: “ترجع (النتائج التي أظهرها التحديث) إلى حد كبير إلى هجوم روسيا على أوكرانيا وزيادة خطر التصعيد النووي، ولكنها لا تنحصر في هذا فحسب”.
ويضيف البيان: “تأثر توقيت الساعة الجديد أيضاً بالتهديدات المستمرة التي تشكلها أزمة المناخ وانهيار المعايير والمؤسسات العالمية اللازمة للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالتكنولوجيات المتقدمة، والتهديدات البيولوجية مثل فيروس كورونا”.
الأمر الذي أكدته الدكتورة راشيل برونسون، المديرة التنفيذية لهيئة “نشرة علماء الذرة”، بالقول: “نحن نعيش في زمن خطر غير مسبوق، ووقت ساعة القيامة يعكس هذا الواقع. 90 ثانية قبل منتصف الليل هو أقرب وقت لمنتصف الليل جرى ضبط الساعة عليه، وهو مؤشر لا يأخذه الساسة وأصحاب القرار على محمل الجد”.
هذا قبل أن تناشد الدكتورة برونسون، المجتمع الدولي لإيجاد حلول لفك نزاعاته عبر وسائل سلمية، قائلة: “لدى حكومة الولايات المتحدة وحلفائها في الناتو وأوكرانيا قنوات متعددة للحوار. نحث القادة على استكشافها جميعاً بأقصى قدرتهم، وإعادة عقارب الساعة إلى الوراء “.
هذا ومنذ عام 2010، تنحو عقارب “ساعة القيامة” نحو الاقتراب من منتصف الليل. وفي عام 2021، بلغ مدى الاقتراب من الفناء 100 ثانية، غير أنه واصل المسير إلى أقرب من ذلك خلال 2023.