منوع

ثروة تقدر بملايين الدولارات.. تعرف على 3 مناطق في سوريا تتصارع عليها الدول الكبرى لامتلاكها

ثروة تقدر بملايين الدولارات.. تعرف على 3 مناطق في سوريا تتصارع عليها الدول الكبرى لامتلاكها

صادق مجلس الشعب السوري(1)، في السابع والعشرين من مارس/آذار 2018، على العقد رقم (66) بين “المؤسسة العامة للجيولوجيا والثروة المعدنية” التابعة لوزارة النفط السورية من جهة،

وشركة “ستروي ترانس غاز” الروسية من جهة أخرى، والذي ينص على إعطاء الأخيرة حق استثمار واستخراج الفوسفات في منطقة مناجم الشرقية (45كم جنوب غرب تدمر) ضمن قطاع يبلغ الاحتياطي المثبت فيه 105 ملايين طن، وبحسب العقد تكون نسبة الجانب السوري 30% فقط من الإنتاج،

بالإضافة لـ 2% كمقابل لقيمة أجور الأرض والتراخيص ونفقات إشراف المؤسسة والضرائب والرسوم الأخرى، وسيتم الإنتاج بمعدل 2.2 مليون طن سنويًّا لمدة خمسين عامًا، أي حتى استهلاك كامل الاحتياطي في هذا القطاع.

يعتبر هذا العقد نموذجًا لاستخدام النظام السوري الموارد والثروات السورية كوسيلة لتسديد ديونه لحلفائه (روسيا وإيران) عبر توزيعها على شكل عقود استثمار طويلة المدى وبشروط مجحفة بحق سوريا،

وذلك بعد التقدم الذي أحرزه بمساعدتهم على الأرض وميل الكفة العسكرية لصالحه في الصراع على حساب المعارضة، وبخاصة في العام 2017 والذي شهد سيطرة النظام على البادية السورية وأجزاء من دير الزور، والتي تحتوي على النسبة الأكبر من الثروة الباطنية السورية (النفط والغاز والفوسفات)،

كما يُعتبر هذا العقد استكمالًا لهيمنة موسكو على استثمارات الطاقة في سوريا على حساب طهران، والتي كانت تنظر إلى الفوسفات السوري كجزء من نصيبها في سوريا لتعويض التكاليف التي تكبدتها في دعم نظام بشار الأسد؛ حيث كانت إيران قد تلقت وعودًا من النظام السوري في مطلع العام 2017 بتسديد قروضها (خطوط الائتمان) عبر إنشاء شركة مشتركة بين الطرفين تشرف على استخراج الفوسفات السوري وتصديره عبر طهران. وعليه،

تسعى هذه الدراسة إلى مناقشة آثار هذا العقد كنموذج لتبديد الثروة السورية على المدى الطويل من ناحية، وكمقدمة للصراعات التي قد تتكشف مستقبلًا بين حلفاء النظام حول الاستحواذ على الموارد والهيمنة الاقتصادية على سوريا، خاصةً مع قرب انتهاء العمليات العسكرية في سوريا وما قد يحمله ذلك من انفراط عقد التحالف الروسي-الإيراني في سوريا.

أولًا: الفوسفات السوري كمورد اقتصادي
تحتل سوريا المرتبة الخامسة عالميًّا على قائمة الدول المصدِّرة للفوسفات حتى العام 2011، ويُمثِّل خام الفوسفات في سوريا المرتبة الثانية من حيث الأهمية الاقتصادية والاستراتيجية بعد خامات النفط والغاز الطبيعي بالنسبة إلى الموارد الباطنية المعدنية وشبه المعدنية،

وهو على الرغم من التطور الذي حصل في عمليات الاستكشاف والإنتاج؛ إلا أنه ما زال دون المستوى المطلوب من حيث الدراسات والاستكشاف والإنتاج والتصنيع والتصدير، فالاحتياطي الموثوق به يُقدَّر بملياري طن، إلا أن كميات الإنتاج ما زالت دون الـ3.5 ملايين طن سنويًّا(2)، ويتوزع خام الفوسفات في سوريا على المناطق التالية(3):

1- السلسلة التدمرية (خنيفيس والشرقية والرخيم).

2- منطقة الحماد (الجفيفة والثليثاوات والسيجري والحباري).

3- المنطقة الساحلية (عين ليلون وعين التينة وقلعة المهالبة وحمام القراحلة).

وتعتبر مناجم السلسلة التدمرية، وبخاصة خنيفيس والشرقية، هي الخزان الأكثر أهمية وجدوى اقتصادية من حيث ثخانة طبقة الفوسفات، والتي تتراوح بين 10-12 مترًا وقد تصل إلى 20 مترًا في منطقة الشرقية، ومن حيث النوع؛ إذ تبلغ نسبة خامس أكسيد الفوسفور فيها من 28-34%، في حين لا تتجاوز في الفوسفات المستخرج من باقي النقاط 18-22%(4):

أ‌- مناجم خنيفيس: تقع على طريق دمشق/تدمر إلى الجنوب من تدمر بـ75 كم وتحتوي على منجمين (شمالي وجنوبي)، وعمليًّا توقف الإنتاج في المنجم الجنوبي بعد استخراج معظم الخامات المناسبة من الناحيتين: الاقتصادية والمنجمية، أما ما بقي في المنجم الشمالي من احتياطيات فتعتبر قليلة، ولا تتجاوز الـ 24 مليون طن(5).

ب‌- مناجم الشرقية (الصوانة): تقع إلى الشمال الشرقي من منطقة خنيفيس بـ30 كم على يمين طريق دمشق/تدمر بنحو 5 كم فقط، وتحتوي على منطقتي استخراج (A-B)، وتعتبر مناجم الشرقية الأكثر أهمية على الإطلاق في سوريا، من حيث الاحتياطيات الكبرى والتي تقدر بـ1.8 مليار طن(6)،

ومن حيث قرب الفوسفات المستخرج منها للمواصفات العالمية؛ إذ يُستخرج من مناجم الشرقية فوسفات رطب من الدرجة السادسة في حين أن فوسفات خنيفيس هو رطب من الدرجة الثامنة(7)، ويجري معالجته للوصول إلى فوسفات رطب من الدرجة الرابعة طبقًا للمواصفات العالمية.

وعلى الرغم من الاحتياطي الكبير من الفوسفات في مناجم الشرقية وخنيفيس؛ إلا أن طاقة الاستخراج في سوريا تعتبر متدنية بشكل عام؛ حيث بلغت في أوج ذروتها خلال العامين 2006 و2010 ما يقارب 3.5 ملايين طن(8)، أي إنها لم تزد على 0.17% من الاحتياطي، وتمثل هذه النسبة أقل النسب العالمية للإنتاج، وهذا ما يمكن إرجاعه إلى تدني المستوى التقني والإمكانات الإنتاجية،

بالإضافة إلى ضآلة رؤوس الأموال المستثمرة في هذا القطاع، والفشل الإداري الذي أدى إلى وجود فجوة بين الخطط الموضوعة للإنتاج والكميات المستخرجة فعليًّا؛ حيث لم تتجاوز نسبة تحقق خطط الإنتاج على مدى العقدين الماضيين الـ75% في المتوسط(9)،

كما أن عملية الاستفادة من الفوسفات المستخرج تعتبر أيضًا متدنية اقتصاديًّا؛ إذ تقتصر الصناعات المرتبطة بالفوسفات في سوريا على صناعة السماد والمنظفات بالرغم من الاستعمالات الصناعية المتعددة للفوسفات في مجالات أخرى كالصناعات الغذائية والبتروكيميائية وصناعة الأعلاف الحيوانية، حيث تُظهر فروقات شاسعة بين ما يتم تصديره من فوسفات خام بدون قيمة مضافة،

وبين ما يتم تصنيعه لسد احتياجات السوق المحلية من الأسمدة، ففي العام 2010 تم تصدير 3.5 ملايين طن في حين استُخدم 600 ألف طن فقط للاستهلاك المحلي، أي نسبة 15% فقط من الإنتاج(10)، وتلك النسبة تعتبر غير كافية لسد احتياجات السوق السورية من الأسمدة الفوسفاتية؛ حيث تستورد سوريا حوالي 40% من تلك الاحتياجات.

جدول يبيِّن كميات الإنتاج والاستهلاك والتصدير من مادة الفوسفات للأعوام من 1990-2006 مقدرة بالألف طن(11)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى