عالم الفن

ظاهرة غريبة تنتشر في شوارع دمشق عند العاشرة مساء كل يوم.. ما علاقة مسلسل الجنرال (فيديو)

ظاهرة غريبة تنتشر في شوارع دمشق عند العاشرة مساء كل يوم.. ما علاقة مسلسل الجنرال (فيديو)

عند الساعة العاشرة مساءً تبدو شوارع دمشق وريفها هادئة أكثر من المعتاد، يفرغ السوريون من صلاة التراويح في مساءات رمضان عند التاسعة والنصف تقريباً ويعودون إلى بيوتهم لسهرة يجري عليها نقاش يومي بين أبناء العائلة بصوت خافت.

فراغ الشوارع في أجواء شتوية أكثر منها ربيعية في آذار الجاري، يعود إلى انشغال السوريين في “هداك المسلسل” بالإشارة سراً إلى “ابتسم أيها الجنرال” الذي يعرضه تلفزيون سوريا والتلفزيون العربي 2 عند العاشرة مساءً طوال أيام رمضان المبارك.

“هل تشاهدون هداك المسلسل؟” سؤال يشغل عشرات الآلاف من الناس على مواقع التواصل الاجتماعي داخل وخارج سوريا، ولكنه يحدث على أرض الواقع بعيداً عن الافتراض أيضاً بالهمز واللمز والتلميحات خوفاً من أي مساءلة أمنية من قبل مخابرات النظام السوري أو أحد أعوانه.

الجميع يتابعون المسلسل رغم الخوف
ورصد موقع “تلفزيون سوريا” آراء العديد من السوريين الذين يشاهدون “هداك المسلسل” في العاصمة السورية دمشق وريفها، مؤكدين على أنهم لا يفوتون أي حلقة، والبعض يعيد مشاهدة الحلقات أيضاً.

هذا ما يؤكده حمزة رفاعي لموقع “تلفزيون سوريا”، مبيناً أنه “قد يكون لا يوجد بيت في سوريا لا يتابع هداك المسلسل، وفي مقدمتهم الأجهزة الأمنية والمخابرات، يشاهدون ويبتسمون أيضاً، لأنه لأول مرة يظهر جزء يسير من الحقيقة على الشاشة”.

وأضاف رفاعي الذي يعمل في مجال البرمجة، أن تسمية ابتسم أيها الجنرال بـ “هداك المسلسل” يحمل سخرية سوداء من الواقع الذي ما زال السوريون يعيشونه، فهم لم يخرجوا من دائرة الخوف التي يبثها النظام في نفوسهم.

وأكمل أن “المسلسل في أول 7 حلقات منه حقق المرجو وزيادة، أولاً من انشغال السوريين به ومتابعته رغم النقد الذي وجه له، وثانياً لأنه يتناول قصة الجميع يعرفها ويحفظها غيباً ولكنه يريد أن يراها درامياً أيضاً”.

وشدد على أنه “لا يعترف السوريون في الداخل لأحد بأنهم يشاهدون المسلسل، إلا أنهم يتابعونه على هواتفهم الذكية ويترقبونه على الشاشة في الساعة العاشرة مساء كل يوم وإن كانت الكهرباء مقطوعة لجؤوا إلى ساعات الإعادة أو إلى النسخة المسروقة على الإنترنت والتي تنتشر على موقع تلغرام كل يوم”.

كواليس القصر الرئاسي
و”ابتسم أيها الجنرال” مسلسل من إنتاج شركة “ميتافورا” وكتابة السيناريست السوري سامر رضوان، وإخراج السوري أيضاً عروة محمد، يؤدي دور البطولة فيه عدد من نجوم سوريا، مثل مكسيم خليل وعبد الحكيم قطيفان وسوسن أرشيد وريم علي وعزة البحرة وعبد القادر منلا ونوار بلبل والعديد من الممثلين الآخرين.

وتدور أحداث المسلسل في كواليس أحد القصور الرئاسية، حيث تبدأ القصة بفضيحة كبرى تترتب عليها مؤامرات ودسائس تضرب رأس السلطة، نزولاً إلى تحالفات المال والفساد، وانعكاساتها المدمرة على عامة الشعب.

ويستعرض المسلسل الطريقة التي وصل بها الرئيس إلى السلطة عبر انقلاب عسكري دموي شهد تعديلاً للدستور الذي يمنع التوريث، تبعه صراع نفوذ دموي بين رئيس الجمهورية وشقيقه العسكري من أجل تعزيز السيطرة على السلطة، حتى لا تخرج من قبضة العائلة الحاكمة.

حضور “هداك المسلسل” روتين يومي
من جانبه، قال محمد عمر أحد طلاب الحقوق في دمشق، إنه يحاول أن يعود إلى البيت قبل العاشرة مساءً لتهيئة الأجواء لحضور المسلسل مع العائلة.

وأضاف لموقع “تلفزيون سوريا” أنه من أول رمضان أصبح حضور هداك المسلسل روتيناً يومياً لنا ولأقاربنا، يعني جميع من أعرفهم يشاهدون المسلسل على البث الحي أو في الإعادة.

وأردف عمر أن نقاشاً يومياً يحدث عن شخصيات المسلسل في إسقاطات مباشرة على الواقع والأسماء التي في ذاكرتنا كسوريين، كل الشخصيات التي في المسلسل لها من يقابلها في القصر الجمهوري وأجهزة المخابرات والحكومة ودائرة الحكم.

ولفت إلى أن “المسلسل قد يكون ضعيفاً إخراجياً وليس بالمستوى المطلوب، وكان يمكن أن يكون أفضل، لكن ضمن الإمكانيات التي نسمعها عن إنتاجات من هذا النوع، يعد عملاً عظيماً”.

وأشار عمر إلى أن القنوات العارضة والشركة المنتجة نجحت في تسويق العمل عبر اختيار ممثلين لهم جمهورهم العريض، والذين يحسبون على صف الثورة السورية، ما جعل وراءه زخماً عريضاً.

وعن اسم “هداك المسلسل” قال عمر ساخراً: “في سوريا لا تسمى الأشياء بمسمياتها عن ما يرتبط بالشر، منقول هداك المرض عن السرطان، بيت خالتي عن السجن والأفرع الأمنية، وغير ذلك، لأن سوريا سجن كبير رغم كل ما جرى ما زالت سجناً”.

حملة مضادة
ويبدو أن الحملة المضادة التي قام بها النظام السوري ضد المسلسل عبر صفحات موالية له، أسهمت في انتشاره بشكل كبير حتى بين المؤيدين له.

وهو ما أشارت له ليلى في حديثها لموقع “تلفزيون سوريا”، أن بعض صديقاتها المواليات في العمل أسرن إليها بأنهن يشاهدن المسلسل، متغنين بإجادة مكسيم خليل لدور الجنرال وعبوسه الدائم مؤكدات أنه لن يحقق النجاح المطلوب بسبب عدم عرضه سوى من قبل قنوات معروفة بمعارضتها للنظام السوري.

وأضافت دهمان أن “هداك المسلسل” يحظى بجماهرية كبيرة لأن كاتبه سامر رضوان معروف بكتاباته الجميلة من أيام “لعنة الطين والولادة من الخاصرة” وكان لمكسيم خليل دائماً أدوار بطولة بتلك المسلسلات.

وأشارت إلى أن “الحلقات الأولى من المسلسل لم تكن بالقوة التي كنا ننتظرها يعني أنا ما بفهم بالنقد الفني، بس الحلقة السادسة جعلت كل يلي راح غير مهم، إن استطاع المسلسل أن يقدم كل كم حلقة مشاهد قوية فالمسلسل ضارب مية بالمية”.

توريث الجمهورية
من جهته قال عبد الله أبو حسن، “أنا أبلغ من العمر 77 عاماً، وقد عاصرت العديد من الأحداث التي مرت بها سوريا منذ انقلاب عام 1970 حتى هذه اللحظات، لهداك المسلسل لا يحكي قصص لا أعرفها، جميع ما يمر به نعرفه ولذلك أنا سعيد بمتابعتي لمن يؤدي دور الجنرال”.

وأضاف لموقع “تلفزيون سوريا” أن الظلم الذي ولد مع مجيء حافظ الأسد إلى السلطة وعائلته ومواليه ونظامه وعسكره جعلنا نفقد كل أمل بهذه البلد إلى أن جاءت الثورة السورية، ولكن البطش والظلم وتخلي العالم عن الثورة والشعب السوري أعادنا إلى الانكسار”.

وأردف أنا صحيح ما بحكي رأيي عادة لأنني طاعن في السن ومتل ما بتعرفي أي كلمة مو محسوبة بتروحنا. بقيت في سوريا لأنني لا أستطيع الخروج منها إلى أي مكان، ولولا أن حفيدي أخبرني عن المسلسل ما سمعت به، حيث إنني لا أتابع المسلسلات خصوصاً في رمضان، ومع ذلك فأنا وجميع العائلة نشاهده مساء”.

وأشار إلى أن “ما يظهر في المسلسل يكشف للسوريين أننا أمام عصابة تحكم سوريا وليس أمام نظام سياسي، كل ما قرأته عن الدول الاستبداية لا يقارن مع ما يقوم به النظام والطريقة التي ورث بها الحكم في جمهورية استقلت عام 1946، ولكن لم تستطع النهوض بسبب الانقلابات العسكرية المشابهة والذي كان أشدها على الإطلاق عام 1970 وطريقة توريث الجمهورية عام 2000”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى