منوع

اكتشاف مرض خطير يسمى متلازمة “أليس في بلاد العجائب” والعلماء يطلقون تحذيراتهم

اكتشاف مرض خطير يسمى متلازمة “أليس في بلاد العجائب” والعلماء يطلقون تحذيراتهم

لطالما ارتبطت أحداث مسلسل وفيلم “أليس في بلاد العجائب” لدى الصغار بتلك المغامرات التي يمكن أن يعيشوها في أماكن بعيدة نسبياً عن الواقع.

أماكن مختلفة بحجمها وشكلها، وخيالية إلى أبعد الحدود. لكن تفاصيل هذه القصة الشهيرة قد تكون مقتبسة فعلاً من متلازمة نادرة جداً تصيب البعض، والتي باتت تعرف بـ “أليس في بلاد العجائب” أو متلازمة تود.

عام 1952، اكتشف الطبيب النفسي جون تود هذه المتلازمة، والتي تصنف ضمن الاضطرابات العصبية. يعاني الأشخاص المصابون بمتلازمة أليس في بلاد العجائب من نوبات عصبية. ويمكن أن تبدو الأشياء وحتى أجزاء من أجسادهم على سبيل المثال أصغر أو أكبر بكثير مما هي عليه في الواقع، أو قد تبدو الأشكال في الخارج، مثل المباني، ضخمة بشكل كبير أو صغيرة إلى درجة قد تضيق على المريض.

وبحسب دراسة نشرتها المكتبة الوطنية للطب الأميركية، تصاحب متلازمة أليس في بلاد العجائب مجموعة من الأعراض، وتظهر على شكل تغيير في صورة الجسم. وبيّنت أن الأشخاص الذين يعانون من هذه المتلازمة يواجهون اختلالاً في الإدراك البصري.

ولا تزال أسباب هذه المتلازمة غير معروفة على وجه التحديد، إلا أن الطبيب النفسي ناصر عساف، يقول إن الأسباب قد تكون عصبية، أي أنها تتعلق بالجهاز العصبي للمريض، الذي يرى الأشياء بطريقة مختلفة، ويقول لـ”العربي الجديد”: “على الرغم من أن هذه المتلازمة نادرة جداً، إلا أن الدراسات أظهرت أنه من المرجح أن يصاب الشخص بخلل في الجهاز العصبي، ويبدأ في تصور الأشياء بطرق مختلفة”.

وتتنوع عوارض متلازمة أليس في بلاد العجائب ما بين الصداع النصفي، والشعور بالدوار طوال الوقت. وتشير الدراسة الصادرة عن المكتبة الوطنية للطب الأميركي إلى أن أسباب هذه المتلازمة، ورغم أنها مجهولة إلى حد كبير، إلا أنها قد تكون مرتبطة بتأثيرات نفسية أو اضطرابات نفسية، أو قد يكون المريض عرضة لعدوى فيروس إبشتاين بار (أحد أنواع فيروسات الهربس الشائعة التي تصيب الإنسان)، أو أنه أصيب بأورام في الدماغ أثرت لاحقاً على جهازه العصبي.

وبحسب عساف، فإن أهم أعراض متلازمة أليس في بلاد العجائب هو تغير صورة الجسم، والشعور بكبر الأشياء المحيطة بالأشخاص. على سبيل المثال، قد يبدو إصبع يد المريض أكبر بكثير مما يعتقد. وفي كثير من الأحيان، يبدو الرأس واليدان غير متناسبين.

لا تقف حدود معاناة المرضى عند هذه التغيرات، بل يمكن أن تشمل أيضاً تشوهاً في الرؤية، أي أنه قد يتخيل المريض وجود أعضاء بشرية معلقة في الرأس. وبحسب تقرير صادر عن شبكة “بي بي سي” البريطانية، توجد حوالي 40 نوعاً من التشوهات البصرية لمتلازمة أليس في بلاد العجائب.

ووصف بعض المرضى رؤية أجزاء مختلفة من الجسم مضافة إلى أشخاص. كما يمكن أن يتأثر السمع أيضاً، وقد يسمع المصابون أحباءهم يتحدثون ببطء بشكل غريب أو بسرعة غير طبيعية. كما أبلغوا عن رؤية أشياء أو أجزاء من أجسامهم تتقلص أو تتورم أمام أعينهم، ما يخلق إحساساً بأنهم يتغيرون في الحجم.

يشير موقع “Everyday health” الطبي إلى أن المصاب بهذه المتلازمة عادة ما يعاني من هلوسات حادة. إذ إن تضخيم الأشياء أو تصغيرها يرتبط أيضاً بفقدان المصابين الإحساس بالوقت. بالنسبة للمريض، قد يمر الوقت بطيئاً بشكل لافت، أو سريعاً جداً إلى درجة الشعور بضغط كبير في الدماغ من شدة سرعة الوقت، وهو ما يسبب له الهلوسة. كما أنه من غير المستبعد أن يكوّن المريض انطباعاً خاطئاً عن مواقف وأحداث معينة. ويمكن أن يتشوه الإدراك البصري والسمعي.

على الرغم من ندرة هذا المرض، إلا أن الدراسات أظهرت أن ما بين 10 إلى 20 في المائة من سكان العالم قد يصابون أو أنهم أصيبوا بهذه المتلازمة، بحسب موقع “Neurology live المتخصص بالأمراض العصبية.

من جهته، يقول طبيب الأعصاب فايز نور الدين إن هذه المتلازمة، وإن كانت تتعلق بوجود خلل في الجهاز العصبي، إلا أنها في الوقت نفسه تتطلب من المجتمع الطبي البحث بطريقة معمقة أكثر حول آليات عمل الدماغ، وكيفية نقل الدماغ للصور الموجودة أمامه، ويقول لـ”العربي الجديد”: “تشير هذه المتلازمة إلى غياب التوازن في عملية الإدراك، وكيفية نقل الدماغ للصور الموجودة أمامه، وكيفية تشكيلها”.

كما تشدد الطبيبة النفسية لينا عبدو على أهمية دراسة الدماغ وكيفية تشكيله للصور الموجودة أمام المريض، وتقول لـ”العربي الجديد”: “تشبه هذه المتلازمة إلى حد كبير ما يحصل للإنسان في حال الإصابة بحمى شديدة، أو ارتفاع كبير في درجات الحرارة، إذ يمكن لذلك أن يكون له تأثير على الجهاز العصبي والإدراكي للمريض. وبالتالي قد يشعر مريض الحمى بتغير في الأحجام والأشكال، تضيف: “يتلقى المريض إشارات من الدماغ بطريقة غير صحيحة شبيهة بالهلوسات، تؤثر على حياة المريض بشكل كبير”.

ويؤكد كل من عساف وعبدو على غياب أي أطر لعلاج هذه المتلازمة، خصوصاً إن كانت ناتجة عن أمراض في الدماغ، مثل الأورام، أو الإصابة بفيروس إبشتاين بار، أو كانت نتيجة ضغوط كبيرة نفسية يعاني منها المريض. بالتالي، يمكن علاج بعض العوارض فقط. على سبيل المثال، إذا كان المصاب يعاني أصلاً من أورام في الدماغ، توصف العقاقير الخاصة بالأورام، وإذا كان يعاني من فيروس فيتم وصف الأدوية الخاصة بالفيروسات، وما من علاج للقضاء على متلازمة “أليس في بلاد العجائب”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى