منوع

قصة شاب سوري عشق فتاة يابانية بعد انشقاقه عن قوات النظام وسافر معها الى اليابان فحصل معه أمر غريب غير حياته

قصة شاب سوري عشق فتاة يابانية بعد انشقاقه عن قوات النظام وسافر معها الى اليابان فحصل معه أمر غريب غير حياته

بعـدما أصبحت أول يابـانية تتـسلق ثـاني أعلى قمة في العالم، تغيرت حياة يوكا كوماتسو،

إلا أن هذا الإحساس بالإنجاز لم ينتابها بـسبب اجتيازها لتلك القـمة الخطرة، بـل بـعد مـا ينتها للأساليب التي اعتمد عليها أبناء القرية القريبة من تلك الجبال ليدمجوا حياتهم بالطبيعة،

ذلك المشهد الذي يذكرها بحياة أجدادها عندما كانوا يعملون في حقول الأرز، وهذا ما دفع تلك المصورة الفوتوغرافية نحو درب جديد قادها في نهاية الأمر للاقتران برجل أصبح لاجئاً بعد الثورة السورية.

تسلقت كوماتسو ذلك الجبل المتـوحش الذي يرتفع 8611 مترا عن سطح البحر ضمن سلسلة جبال كاراكورام الممتدة بين باكستان والصين، والتي تعد من أخطر الجبال بالنسبة للتسلق على مستوى العالم.

إلا أن كوماتسو وبعد تخرجها في جامعة توكاي عام 2006 أصبحت المرأة الوحيدة التي انضمت إلى نادي جبال الألب.

كيف سافرت كوماتسو إلى سوريا؟

وبعد مرور عامين على ذلك، وتحديداً في تشرين الأول من عام 2008، وعندما بلغت كوماتسو السادسة والعشرين من العمر، ألفت نفسها تحت أشعة شمس حارقة وهي تغذ الخطى نحو البادية في مدينة تدمر،

تلك المدينة الأثرية الواقعة وسط سوريا، وذلك لتحقق حلمها بالعيش على أرض البدو والتعبير عن عالمهم من خلال الصور على حد تعبيرها.

وبعيداً عن كثبان الرمل التي تغزوها الرياح، رأت كوماتسو من بعيد قافلة من الإبل في واحة، وعندما اقتربت منها، نظر إليها رجل عربي يرتدي سترة مستغرباً، فبادرته كوماتسو بالقول: “أريد أن أصورك”،

وهي تستخدم لغة الإشارة والإيماءات، فوافق الرجل بإيماءة من رأسه. وبعد مرور خمس سنوات، تحولت كوماتسو وعبد اللطيف رضوان الذي يصغرها بخمس سنوات إلى شريكي حياة ربط بينهما رباط الزواج.

افتتنت كوماتسو بنمط الحياة القائم على العيش على ما تنتجه الأرض، حيث تذكرت من خلال ذلك نشأتها في أتيكا شمال شرقي اليابان، إذ هناك عادي جداً أن: “تجمع نباتات برية يمكن أن تؤكل في فصل الربيع، إلى جانب جمع الفطر في فصل الخريف”.

وفي ثانوية كيتا بأتيكا، انضمت كوماتسو إلى نادي تسلق الجبال قبل أن تسجل في جامعة توكاي في محافظة كاناغاوا القريبة من طوكيو، والتي حقق المنتسبون منها في نادي رحلات جبال الألب نجاحات عديدة في جبال الهيمالايا،

ويشمل ذلك النجاح الذي حققه تاتسويا آوكي الذي أصبح أول شاب يصل إلى قمة كي2 وعمره لم يتجاوز 21 عاماً وذلك برفقة كوماتسو في الأول من آب لعام 2006.

وتتذكر كوماتسو التراتبية والتسلسل الهرمي في عالم تسلق الجبال فتقول: “المستجدون عبيد، والقدماء آلهة”.

ولكن عندما طالبها العديد من الأعضاء الذكور في هذا النادي بتركه، تخبرنا كوماتسو بأن ما قاله لها أحد الأعضاء القدامى هو الذي أنقذها في ذلك الحين، حيث قال لها: “ثمة تمييز بين الرجال والنساء بناء على الجانب البشري للأمور،

ولكن الجبال لا تفرق في تعاملها بين الرجال والنساء، ولهذا لا ينبغي للبشر أن يبنوا حواجز”.

مثل كلام هذا الشخص لحظة فارقة بالنسبة لها، اعتمدت عليها لاحقاً لتحقق إنجازها العظيم وذلك عندما أصبحت ثامن امرأة في التاريخ تتسلق جبل كي2 عندما كان عمرها 23 عاماً.

كما أصبح كلامه تميمة بالنسبة لها صارت تستعين بها عندما واجهت تحديات في علاقتها برضوان بعد مرور سنوات على ذلك الإنجاز، حيث أصبحت تسأل نفسها: “هل هذا حاجز بنيته بنفسي أم لا؟”

تدمر.. تلك المدينة المحاطة بالصحراء على مد البصر، والتي كسبت أهمية ونفوذاً بعد تحولها إلى مدينة تابعة للإمبراطورية الرومانية، ومحطة استراحة على طريق الحرير التجاري وكل ما يمر به من قوافل تحمل معها ثروات وخيرات.

كان أهل رضوان يحلون في تلك المدينة ويرتحلون منها إذ كانوا يترددون بينها وبين الصحراء، وبذلك أقاموا مصدراً للرزق يقوم في المقام الأول على رعي الإبل التي تعد جزءاً لا يتجزأ من حياة البدو.

وبعدما التقت كوماتسو برضوان، أخذ يحدثها كثيراً عن جمال البادية وكيف أنها تتغير بحسب الفصول والأوقات، وتتذكر هي تلك اللحظات بالقول: “أحسست بأن الحياة اليومية ترتبط بالأرض”، وهكذا تأثرت بكلامه وأصبحت تشعر بانجذاب تدريجي تجاه ذلك البدوي.

وابتداء من عام 2009، بدأت كوماتسو بالسفر إلى سوريا كل عام، ومنذ ذلك الحين بدأ هذان العاشقان يفكران بالزواج جدياً، وعن ذلك تخبرنا فتقول: “فكرنا بذلك حتى نظل مع بعضنا”.

إلا أن العديد من الحواجز والجدران أقيمت بينهما.

فالعائلة تعد عماد الثقافة العربية، لذا يتعين على المرء أن يقدم تضحيات كثيرة على المستوى الشخصي من أجل سعادة عائلته وسلامتها من أي عيب. كما أن الزواج من الأقارب شائع في تلك الثقافة، ولهذا عارضت عائلة رضوان هذا الزواج منذ البداية.

وفي الوقت ذاته تقريباً، اندلعت الحرب في سوريا في شهر آذار من عام 2011، فألقت بظلالها الثقيلة على مستقبل العاشقين وذلك بسبب استدعاء رضوان للتجنيد الإجباري ضمن صفوف قوات النظام،

إلا أنه فر بعد ذلك إلى الأردن حيث أصبح لاجئاً لأنه: “لم يتحمل الإحساس العميق بالندم” الذي انتابه عندما أجبر على شن هجوم على أبناء جلدته في بلده بحسب ما وصفت لنا كوماتسو.

قصة زواجهما

وهناك في الأردن التحقت كوماتسو برضوان دون أن يعترض سبيلهما أحد، فأقاما حفل زفاف صغير في عام 2013 برفقة عدد قليل من الأصدقاء الذين حضروا تلك الحفلة.

ثم اعتنقت كوماتسو الإسلام، وأعلنت أنها لم تشعر بأي معارضة لهذا الدين، حيث قالت: “كانت لدي رغبة شديدة بالتعرف إلى الدين الإسلامي”.

ولكن بسبب عدم قدرتهما على إيجاد فرصة عمل في الأردن، قرر الزوجان السفر إلى اليابان في تشرين الثاني من العام ذاته، وهناك تحول رضوان إلى شخص انعزالي،

بعدما صار يعاني من ضغوط نفسية متزايدة من جراء محاولته التأقلم مع غابة الهياكل الخرسانية في طوكيو بعدما عاش ردحاً طويلاً من حياته وهو ينعم بحياة البادية في سوريا.

ثم تبرأ أهل كوماتسو في أتيكا منها، حيث تقول: “لقد ربطوا بين رضوان والإرهابيين بما أنه مسلم”.

غير أن كوماتسو لم تستسلم، بل استمرت بالكتابة لأهلها حول تصميم الزوجين على العيش معاً، ما جعل موقف والديها يلين قليلاً، حيث اعترف والد كوماتسو بذلك عندما قال: “إنه شاب عادي، لم أكن أعرف عنه شيئاً، ولهذا تحاملت ضده”.

وقد سرت كوماتسو أيما سرور بتغير موقف والدها بشكل مفاجئ، إذ كان ينزعج في البداية من رضوان عندما كان يشرع بالصلاة فجأة وبصوت عال عندما يسيران في الشارع معا، إلا أن أباها يخبرنا اليوم أنه صار: “يتظاهر بأنه لا ينتبه” لما يتفوه به صهره.

في تلك الأثناء، حاولت كوماتسو أن تفسر ما الذي يدور في رأس أبيها، وعن ذلك تقول: “بدلاً من الانتقاد، يحاول أبي أن يتعايش عبر الاحتفاظ بمسافة مناسبة”. كما أن رضوان لا يحب مرافقة أبيها الذي يستمتع بتناول الكحوليات المحرمة في الشريعة الإسلامية.

ومنذ أن بدأ رضوان بأداء الصلوات في المسجد، انفرجت أساريره، كما أصبح يزاول مهناً عديدة، مثل تصدير الدراجات المستعملة، وتوصيل الخضر، لكنه أيضاً يواصل عمله في مجال الأزياء السورية التقليدية.

واليوم تقوم كوماتسو البالغة من العمر 38 عاماً بالمساهمة بإعالة أسرتها عبر التقاط الصور في المهرجان التقليدي السنوي في اليابان وذلك للبنات اللواتي تتراوح أعمارهن ما بين 3-7 سنوات، والصبيان في سن الخامسة، إلى جانب عملها في خدمة توصيل الطعام.

أحياناً تود أن تشتكي لرضوان حول عدم تقديمه ما يكفي لأسرته، إلا أنها تمتنع عن إطلاق الأحكام المتعجلة، إذ إنها تحاول ألا تفرض القيم اليابانية على زوجها. كما يرى البعض بأنها متفانية إلى أبعد الحدود،

لكنها تقول: “إن السوريات مثاليات بالنسبة لتربية الأولاد وأعمال البيت، ومن هذا المنظور يعتبرني زوجي زوجة سيئة”. إذ تقوم السوريات بأداء واجباتهن اليومية برفقة الأهل والصديقات طيلة فترة ممتدة ومريحة،

أي أن رضوان علمها القيم البدوية التي لا يمكنها أن تتعلمها عبر مشاهدة الأفلام أو قراءة الكتب على حد وصفها.

وفي شهر أيلول من عام 2020، أصدرت كوماتسو كتاباً باللغة اليابانية توثق فيه وبالتواريخ تجربتها كمصورة فوتوغرافية،

ابتداء من قمة كي2 وحتى لقائها برضوان وحياة الناس في البادية السورية قبل اندلاع الحرب.

عشر سنوات مرت على ثورات الربيع العربي التي ألهمت الناس فهبوا للاحتجاج في سوريا، حيث ما يزال الربيع حلماً بعيد المنال هناك،

إذ إن كثيرا من أهل رضوان وأقاربه هربوا هم أيضاً من بلادهم بحثاً عن الأمان في دول مثل الأردن وتركيا.

غير أن كوماتسو تتمنى لطفليها أن يدركا بأن جذورها تعود إلى سوريا، وعن ذلك تقول: “تجري في عروق كلا طفلي د.ماء سورية،

ولكن كيف يمكن لمن تعود أصولهم إلى سوريا أن يتجاوزوا هذه الحقبة المضطربة من الزمان؟ أريد أنا وزوجي وولدي أن نراقب عن كثب ما يحدث”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى